منتدى توأم روحى الأول
نحن سعداء جداً لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمتاع بالإقامة معنا.


مع أطيب الأمنيات
إدارة المنتدى
أحمد مرسى
منتدى توأم روحى الأول
نحن سعداء جداً لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الأستمتاع بالإقامة معنا.


مع أطيب الأمنيات
إدارة المنتدى
أحمد مرسى
منتدى توأم روحى الأول
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى توأم روحى الأول

دينى - سياسى - تكنولوجى - ثقافى - إجتماعى
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 الأمثال في السنة النبوية

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:12 pm

26-مثل من يفشي الأسرار الزوجية
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هَلْ مِنْكُم الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ، فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ، وَأَلْقَى عَلَيْهِ سِتْرَهُ، وَاسْتَتَرَ بِسِتْرِ اللَّهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: ثُمَّ يَجْلِسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلْتُ كَذَ، قَالَ: فَسَكَتُوا. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ؟ فَسَكَتْنَ فَجَثَتْ فَتَاةٌ - قَالَ مُؤَمَّلٌ فِي حَدِيثِهِ- فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَ، وَتَطَاوَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَرَاهَا وَيَسْمَعَ كَلامَهَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَتَحَدَّثُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ لَقِيَتْ شَيْطَانًا فِي السِّكَّةِ فَقَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، أَلا وَإِنَّ طِيبَ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَوْنُهُ، أَلا إِنَّ طِيبَ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ رِيحُهُ.قَالَ أَبُو دَاوُد: وَمِنْ هَا هُنَا حَفِظْتُهُ عَنْ مُؤَمَّلٍ وَمُوسَى: أَلا لا يُفْضِيَنَّ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ وَلا امْرَأَةٌ إِلَى امْرَأَةٍ، إِلاَّ إِلَى وَلَدٍ، أَوْ وَالِدٍ، وَذَكَرَ ثَالِثَةً فَأُنْسِيتُهَا(1).

شرح المفردات(2):
(فَيَقُول: فَعَلْت كَذَا فَعَلْت كَذَا): أَيْ يُبَيِّن كَيْفِيَّة جِمَاعه وَيُفْشِي مَا جَرَى بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته مِنْ أُمُور الاسْتِمْتَاع.
(فَجَثَتْ): قَالَ فِي الْقَامُوس: جَثَا كَدَعَا وَرَمَى جُثُوًّا وَجِثِيًّا جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ.
(فَتَاة): أي: شَابَّة.
(كَعَاب): بِالْفَتْحِ الْمَرْأَة حِين يَبْدُو ثَدْيهَا لِلنُّهُودِ؛ وَهِيَ الْكَاعِب أَيْضً، وَجَمْعهَا كَوَاعِب.
(وَتَطَاوَلَتْ): أي: امْتَدَّتْ وَرَفَعَتْ عُنُقهَا.
(أَلا لا يُفْضِيَنَّ): بِضَمِّ أَوَّله أي: لَا يَصِلَنَّ.
(رَجُل إِلَى رَجُل وَلا اِمْرَأَة إِلَى اِمْرَأَة): أي: فِي ثَوْب وَاحِد، وَالْمَعْنَى لَا يَضْطَجِعَانِ مُتَجَرِّدَيْنِ تَحْت ثَوْب وَاحِد.
(وَذَكَرَ ثَالِثَة): أَي: كَلِمَة ثَالِثَة.

من فوائد الحديث:
1- الحَدِيث يَدُلّ عَلَى تَحْرِيم إِفْشَاء أَحَد الزَّوْجَيْنِ لِمَا يَقَع بَيْنهمَا مِنْ أُمُور الْجِمَاع، وَذَلِكَ لأَنَّ كَوْن الْفَاعِل لِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَيْطَان لَقِيَ شَيْطَانَة فَقَضَى حَاجَته مِنْهَا وَالنَّاس يَنْظُرُونَ مِنْ أَعْظَم الأَدِلَّة الدَّالَّة عَلَى تَحْرِيم نَشْر أَحَد الزَّوْجَيْنِ لِلأَسْرَارِ الْوَاقِعَة بَيْنهمَا الرَّاجِعَة إِلَى الْوَطْء وَمُقَدِّمَاته(3).
2- حرص الإسلام على تحصيل أسباب العفة والطهارة، والحث على صيانة اللسان من الكلام الفاحش والبذيء.
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عما يثير الغرائز من الأقوال نبه إلى ما يثيرها من الروائح الطيبة فبين ما يخص الرجال من ذلك وما يخص النساء، درأً لأسباب الشر والفتنة.



(1) سنن أبي داود، برقم: (2174). والجامع الصغير وزيادته، 1/ 1300، برقم: (12993)، وصحّحه الألباني، ينظر: صحيح الجامع، برقم: (7037).
(2) عون المعبود شرح سنن أبي داود، 6/ 157.
(3) عون المعبود شرح سنن أبي داود، 6 / 158.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:13 pm

الحلقة (27) مثل الذاكر والغافل مثل الحي والميت

عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ)(1).

من فوائد الحديث:
1-النَّدْب إِلَى ذِكْر اللَّه تَعَالَى فِي الْبَيْت, والإكثار من ذلك قدر المستطاع.
2-من الذكر الذي تعمر به البيوت؛ الصلاة، وتلاوة القرآن واستماعه، وكذا الدروس والمحاضرات، والقراءة في كتب العلم، والتسبيح والتحميد والتهليل وسائر الذكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:13 pm

28-مثل الصلوات الخمس

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا)(1).
شرح المفردات(2):
(أَرَأَيْتُمْ ): هُوَ اسْتِفْهَام تَقْرِير مُتَعَلِّق بِالِاسْتِخْبَارِ, أي: أَخْبِرُونِي هَلْ يَبْقَى؟
(نَهْرًا): وَالنَّهْرُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا مَا بَيْنَ جَنْبَي الْوَادِي , سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسِعَتِهِ.
(مِنْ دَرَنِهِ): الدَّرَن الْوَسَخ, وَقَدْ يُطْلَقُ الدَّرَن عَلَى الْحَبِّ الصِّغَار الَّتِي تَحْصُلُ فِي بَعْضِ الْأَجْسَادِ.

شرح الحديث:
َقَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ: وَجْه التَّمْثِيل أَنَّ الْمَرْءَ كَمَا يَتَدَنَّسُ بِالْأَقْذَارِ الْمَحْسُوسَةِ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَيُطَهِّرُهُ الْمَاءُ الْكَثِير, فَكَذَلِكَ الصَّلَوَات تُطَهِّرُ الْعَبْد عَنْ أَقْذَار الذُّنُوب حَتَّى لَا تُبْقِي لَهُ ذَنْبًا إِلَّا أَسْقَطَتْهُ(3).

من فوائد الحديث:
1- فضل الصلاة وأنها سبب لتكفير الخطايا والسيئات.
2- على المسلم العناية بهذه الفريضة العظيمة، والحرص على أدائها مستوفية الشروط والأركان والواجباب وما استطاع من المستحبات، حتى يتعاظم أثرها في تطهير المسلم من الذنوب والخطايا.
3- أن يحرص المسلم على الأعمال الصالحة حتى تكفر ذنوبه.

(1) صحيح البخاري، برقم: (528)، وصحيح مسلم، برقم: (667).
(2) فتح الباري لابن حجر، 2/ 11.
(3) فتح الباري لابن حجر، 2/ 11-12.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:14 pm

29-مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه
عن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه؛ كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه)(1).
فوائد الحديث:
1- فضل العلم وأنه نور لصاحبه وللناس؛ إذا عمل العالم بعلمه وعلمه الناس.
2- الوعيد الشديد لمن لا يعمل بعلمه.
3- الحث على موافقة القول العمل، وقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) [سورة الصف: 2-3].
4- أنه لا يمنع من الانتفاع بما لدى العالم من العلم، مع ما يكون لديه من النقص أو التقصير، وأنه بتقصيره في العمل لا يضر إلا نفسه.


(1) رواه الطبراني في المعجم الكبير، 2/178، برقم: (1681), وحسّنه الألباني، ينظر: صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 31، برقم: (131).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:15 pm

مثل القائم على حدود الله والواقع فيها
عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ, فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا, فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا)(1).

شرح المفردات(2):
(اِسْتَهَمُوا سَفِينَة) أَي اِقْتَرَعُوهَا.
(فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ): أَي: مَنَعُوهُ مِن الْحَفْر.
(نجَوْا وَنَجَّوْا جميعاً): هَكَذَا إِقَامَة الْحُدُود يَحْصُل بِهَا النَّجَاة لِمَنْ أَقَامَهَا وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ, وَإِلَّا هَلَكَ الْعَاصِي بِالْمَعْصِيَةِ وَالسَّاكِت بِالرِّضَا بِهَا.

فوائد الحديث:
1-قَالَ الْمُهَلَّب وَغَيْره: فِيهِ اِسْتِحْقَاق الْعُقُوبَة بِتَرْكِ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ والنهي عن المنكر.
2-َتَبْيِين الْعَالِم الْحُكْم بِضَرْبِ الْمَثَل, ليكون أبلغ في البيان.
3- وُجُوب الصَّبْر عَلَى أَذَى الْجَار إِذَا خَشِيَ وُقُوع مَا هُوَ أَشَدّ ضَرَرًا, وَأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْل أَنْ يُحْدِث عَلَى صَاحِب الْعُلْو مَا يَضُرّ بِهِ, وَأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرَرًا لَزِمَهُ إِصْلَاحه, وَأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلْو مَنْعه مِن الضَّرَر(3).
4-فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه سبب للعصمة والنجاة.
5- أن سلامة القصد غير كاف لصحة العمل وصوابه، بل لا بد أن يكون موافقاً للشرع، ومراعياً لما جاء به من القواعد والضوابط.


(1) صحيح البخاري، برقم: (2493).
(2) نظر: فتح الباري لابن حجر، 5/ 295.
(3) ينظر: فتح الباري لابن حجر، 5/ 296.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:16 pm

31-مثل القلب مثل الريشة
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الرِّيشَةِ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ بِفَلاةٍ)(1).

شرح المفردات(2):
(الرِّيشَةِ): قال الرازي: الريش للطائر، الواحدة: (ريشة)، ويجمع على أرياش.
(تقلبها): قلب الشيء صرفه عن وجه إلى وجه وسمي قلبا لكثرة تقلبه.
(الرياح): جمع ريح.
(بِفَلاَةٍ): الْأَرْض الْخَالِيَة مِن الْعُمْرَان.

شرح الحديث:
قال المناوي نقلاً عنالطيبي: المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر, والمعنى: صفة القلب العجيبة الشأن وورود ما يرد من عالم الغيب وسرعة تقلبه كصفة ريشة, يعني: أن القلب في سرعة تقلبه لحكمة الابتلاء بخواطر ينحرف مرةً إلى حق, ومرةً إلى باطل, وتارةً إلى خير, وتارةً إلى شر, وهو في مقره لا ينقلب في ذاته غالباً إلا بقاهر مزعج من خوف مفرط.
وقوله: (تقلبها الرياح بفلاة): أي: بأرض خالية من العمران؛ فإن الرياح أشد تأثيرًا فيها منها في العمران, وجمع الرياح لدلالتها على التقلب ظهرًا لبطن؛ إذ لو استمر الريح لجانب واحد لم يظهر التقلب؛ كما يظهر من الرياح المختلفة.
وقال الغزالي: إنما كان (القلب) كثير التقلب؛ لأنه منزله الإلهام والوسوسة, وهما أبدًا يقرعانه ويلقنانه, وهو معترك المعسكرين: الهوى وجنوده, والعقل وجنوده, فهو دائمًا بين تناقضهما وتحاربهما, والخواطر له كالسهام لا تزال تقع فيه, كالمطر لا يزال يمطر عليه ليلاً ونهارًا, وليس كالعين التي بين جفنين تغمض وتستريح, أو تكون في ليل أو ظلمة, أو اللسان الذي هو من وراء حجابين الأسنان والشفتين وأنت تقدر على تسكينه, بل القلب عرش الخواطر لا تنقطع عنه بحال, والآفات إليه أسرع من جميع الأعضاء, فهو إلى الانقلاب أقرب؛ ولهذا خاف الخواص على قلوبهم, وبكوا عليها وصرفوا عنايتهم إليها, ومقصود الحديث: أن يثبت العبد عند تقلب قلبه, وينظر إلى همومه بنور العلم, فما كان خيرًا أمسك القلب عليه, وما كان شرًا أمسكه عنه(3).

من فوائد الحديث:
1-قال القاضي أبو بكر بن العربي: القلب جزء من البدن خلقه الله وجعله للإنسان محل العلم والكلام وغير ذلك من الصفات الباطنة وجعل ظاهر البدن محل التصرفات الفعلية والقولية ووكل بها ملكا يأمر بالخير وشيطانا يأمر بالشر فالعقل بنوره يهديه والهوى بظلمته يغويه والقضاء والقدر مسيطر على الكل والقلب ينقلب بين الخواطر الحسنة والسيئة واللمة من الملك تارة ومن الشيطان أخرى والمحفوظ من حفظه الله تعالى(4).
2-الثبات على دين الله عز وجل نعمة من الله يمن بها على من يشاء من عباده المؤمنين،قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللهُ الذين آمنوا بالقَوْلِ الثَّابتِ في الحياةِ الدُّنياوفي الآخرةِ ويُضِلُّ اللهُ الظالمينَ ويفعلُ اللهُ ما يشاء) (إبراهيم/27).
3-أن على المسلم أن يعتصم بالله تعالى ويداوم على سؤاله الاستقامة على الطاعة والثبات على الدين، فإنه لا سبيل إلى ثبات القلب وسلامته من التقلب إلا بتثبيت الله تعالى له، ولقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقيل له في ذلك ؟ قال : إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام و من شاء أزاغ)(5).


(1) سنن ابن ماجه، برقم: (88). والجامع الصغير وزيادته، 1/ 1078، برقم: (10772)، وصحّحه الشيخ الألباني: ينظر صحيح الجامع، برقم: (5833).
(2) ينظر: فيض القدير للمناوي، 5/ 508.
(3) ينظر: المرجع السابق، 5/ 508-509.
(4) ابن حجر، فتح الباري 11/ 527.
(5) رواه الترمذي من حديث أم سلمة، وقال الشيخ الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم : 4801 في صحيح الجامع.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:16 pm

32-مثل الذي يتعلم العلم، ثم لا يحدث به
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به؛ كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه)(1).
شرح الحديث:
قال المناوي: قوله: (مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه) في كون كل منهما يكون وبالاً على صاحبه يعذب عليه يوم القيامة؛ فعلى العالم أن يفيض من العلم على مستحقه لوجه الله تعالى, ولا يرى نفسه عليهم منةً وإن لزمتهم, بل يرى الفضل لهم إذ هذبوا قلوبهم لأن تتقرب إلى الله بزراعة العلوم فيها؛ كمن يعير أرضًا ليزرع فيها لنفسه وينفعه, ولولا المتعلم ما نال ذلك المعلم(2).
من فوائد الحديث:
1-أنه لا يجوز للعالم كتم العلم الذي يحتاج الناس إليه، قال الله تعـالى: (إِنالَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِمَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُوَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ)[البقرة:159].
2-كتم العلم سبب لشيوع الجهل، وانتشار البدع، والأخلاق السيئة والمعاملات المحرمة، وغير ذلك من صنوف الضلالات.
3-المشروع لمن رزقه الله علماً أن يجتهد في بثه بين الناس لوجه الله تعالى، ومن أجل نفع عباد الله في دينهم ودنياهم، ليحصل على بركته في الدنيا، وعلى الثواب الجزيل في الآخرة، كما أن من رزقه الله مالاً عليه أن ينفق منه على نفسه، وعلى إخوانه المسلمين المعوزين، وفي سبيل الله، حتى لا ينقلب وبالاً عليه في الدنيا وفي الآخرة.


(1) المعجم الأوسط للطبراني، 1/394، برقم: (693)، والهيثمي في المجمع، 1/164. وصحّحه الألباني، ينظر: السلسلة الصحيحة، برقم: ( 3479 ).
(2) فيض القدير للمناوي، 5/ 510.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:16 pm

33-مثل الذي يعين قومه على غير الحق

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: مِنْ أَدَمٍ فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلً، فَقَالَ: (إِنَّكُمْ مَفْتُوحٌ عَلَيْكُمْ مَنْصُورُونَ وَمُصِيبُونَ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيَنْهَ عَن الْمُنْكَرِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ كَمَثَلِ بَعِيرٍ رُدِّيَ فِي بِئْرٍ فَهُوَ يَنْزِعُ مِنْهَا بِذَنَبِهِ)(1).
شرح المفردات(2):
(مفتوح عليكم): أي: ما يفتح من البلاد في أزمان تالية.
(منصورون)أي: على الأعداء.
(ومصيبون) أي: للغنائم.
(وليصل رحمه): مراعاة صلة الرحم، بحيث يتودد إليهم ويتقرب بهم بأنواع من القول والفعل.
(فليتبوأ مقعده من النار) أي: فليتخذ لنفسه منزل، يقال: تبوأ الرجل المكان إذا اتخذه مسكنًا.
(يجر بذنبه) أي: يحاول الخلاص والنجاة.
شرح الحديث:
قال المناوي: قوله: (وَمَثَلُ الَّذِي يُعِينُ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ كَمَثَلِ بَعِيرٍ رُدِّيَ فِي بِئْرٍ فَهُوَ يَنْزِعُ مِنْهَا بِذَنَبِهِ) قال بعضهم : معناه أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على الخلاص(3).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (فليتبوأ مقعده من النار) أمر بمعنى الخبر، أو بمعنى التهديد، أو بمعنى التهكم، أو دعاء على فاعل ذلك، أي: بوأه الله ذلك؛ فلا ينبغي لأحد أن يحدث عنه صلى الله عليه وسلم إلا عمن يثق بخبره ويرضى دينه وأمانته؛ لأنها ديانة.
من فوائد الحديث:
1-الحث على إقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلة الرحم.
2-في الحديث وعيد شديد لمن يتعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يتبوأ مقعده من النار.كما أن على المسلم أن يحذر من نقل الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فعن سمرة رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين)(4).
3-الواجب على المسلم أن يكون اجتماعه بإخوانه وعشيرته، وصحبته لهم تعاوناً على مرضاة الله وطاعته التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه، لا على الإثم والعدوان كما قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [سورة المائدة: 2].




(1)مسند الإمام أحمد، 6/350، برقم: (3801)، والبيهقي في السنن، 10/ 234، باختلاف في الألفاظ. وصحّحه الألباني، ينظر: السلسلة الصحيحة، 3/ 371، برقم: (1383).
(2)ينظر: تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي، 6/ 441.
(3)فيض القدير للمناوي، 5/ 511، رواه مسلم (1/7).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:17 pm

34-مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ, وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ؛ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ؛ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ, وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ) (1).
شرح المفردات(2):
(الأُتْرُجَّةِ) ثمر شبه التفاحة، وهي بِضَمِّ الْهَمْزَة وَالرَّاء بَيْنهمَا مُثَنَّاة سَاكِنَة وَآخِره جِيم ثَقِيلَة, وَقَدْ تُخَفَّف. وَيُزَاد قَبْلهَا نُون سَاكِنَة, وَيُقَال بِحَذْفِ الْأَلِف مَعَ الْوَجْهَيْنِ فَتِلْكَ أَرْبَع لُغَات وَتَبْلُغ مَعَ التَّخْفِيف إِلَى ثَمَانِيَة. وهي من أحسن الثمار الشجرية وأنفسها عند العرب.
(الريحانة)كل بقلة طيبة الريح, وهو ما يستراح إليه. وقيل: هي كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم.
(الحنظلة)نبا ت ثمرته في حجم البرتقالة ولونها، فيها لب شديد المرارة، ويمتد على الأرض كالبطيخ وثمره يشبه ثمر البطيخ, لكنه أصغر منه جداً, ويضرب المثل بمرارته.
شرح الحديث:
قال ابن حجر:قوله: (طَعْمهَا طَيِّب وَرِيحهَا طَيِّب) قِيلَ: خَصَّ صِفَة الْإِيمَان بِالطَّعْمِ, وَصِفَة التِّلَاوَة بِالرِّيحِ؛ لِأَنَّ الْإِيمَان أَلْزَم لِلْمُؤْمِنِ مِن الْقُرْآن؛ إِذْ يُمْكِن حُصُول الْإِيمَان بِدُونِ الْقِرَاءَة, وَكَذَلِكَ الطَّعْم أَلْزَم لِلْجَوْهَرِ مِن الرِّيح؛ فَقَدْ يَذْهَب رِيح الْجَوْهَر وَيَبْقَى طَعْمه.
ثُمَّ قِيلَ: الْحِكْمَة فِي تَخْصِيص الْأُتْرُجَّة بِالتَّمْثِيلِ دُون غَيْرهَا مِن الْفَاكِهَة الَّتِي تَجْمَع طِيب الطَّعْم وَالرِّيح كَالتُّفَّاحَةِ؛ لِأَنَّهُ يُتَدَاوَى بِقِشْرِهَا وَهُوَ مُفْرِح بِالْخَاصِّيَّةِ, وَيُسْتَخْرَج مِنْ حَبِّهَا دُهْن لَهُ مَنَافِع. وَقِيلَ: إِنَّ الْجِنّ لَا تَقْرَب الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْأُتْرُجّ فَنَاسَبَ أَنْ يُمَثِّلَ بِهِ الْقُرْآن الَّذِي لَا تَقْرَبهُ الشَّيَاطِين, وَغِلَاف حَبّه أَبْيَض فَيُنَاسِب قَلْب الْمُؤْمِن, وَفِيهَا أَيْضًا مِن الْمَزَايَا كِبْر جُرْمهَا وَحُسْن مَنْظَرهَا وَتَفْرِيح لَوْنهَا وَلِين مَلْمَسهَا, وَفِي أَكْلهَا مَعَ الِالْتِذَاذ طِيب نَكْهَة وَدِبَاغ مَعِدَة وَجَوْدَة هَضْمٍ, وَلَهَا مَنَافِع أُخْرَى مَذْكُورَة فِي الْمُفْرَدَات(3).
وقال بن بطال: "معنى هذا الباب أن قراءة الفاجر والمنافق لا ترتفع إلى الله ولا تزكو عنده, وإنما يزكو عنده ما أريد به وجهه, وكان عن نية التقرب إليه, وشبهه بالريحانة حين لم ينتفع ببركة القرآن, ولم يفز بحلاوة أجره, فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق,ولا اتصل بالقلب, وهؤلاء هم الذين يمرقون من الدين"(4).
وقال العيني: "اعلم أن هذا التشبيه والتمثيل في الحقيقة وصف اشتمل على معنى معقول صرف لا يبرزه عن مكنونه إلا تصويره بالمحسوس المشاهد, ثم إن كلام الله المجيد له تأثير في باطن العبد وظاهره, وإن العباد متفاوتون في ذلك, فمنهم من له النصيب الأوفر من ذلك التأثير, وهو المؤمن القارئ ومنهم من لا نصيب له البتة وهو المنافق الحقيقي, ومنهم من تأثر ظاهره دون باطنه وهو المرائي, أو بالعكس وهو المؤمن الذي لم يقرأه, وإبراز هذه المعاني وتصويرها في المحسوسات ما هو مذكور في الحديث, ولم يجد ما يوافقها ويلائمها أقرب ولا أحسن ولا أجمع من ذلك؛ لأن المشبهات والمشبه بها واردة على التقسيم الحاضر؛ لأن الناس إما مؤمن أو غير مؤمن, والثاني إما منافق صرف أو ملحق به, والأول إما مواظب عليها, فعلى هذا قس الأثمار المشبه بها, ووجه التشبيه في المذكورات مركب منتزع من أمرين محسوسين طعم وريح, وقد ضرب النبي المثل بما تنبته الأرض ويخرجه الشجر للمشابهة التي بينها وبين الأعمال؛ فإنها من ثمرات النفوس فخص ما يخرجه الشجر من الأترجة والتمر بالمؤمن, وبما تنبته الأرض من الحنظلة والريحانة بالمنافق, تنبيهًا على علو شأن المؤمن وارتفاع علمه ودوام ذلك, وتوقيفًا على ضعة شأن المنافق وإحباط عمله وقلة جدواه"(5).
من فوائد الحديث:
1-َفِي الْحَدِيث فَضِيلَة حَامِلِ الْقُرْآن, وَأَنَّ الْمَقْصُود مِنْ تِلَاوَة الْقُرْآن الْعَمَل بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ.
2-َوضَرْب الْمَثَل لِلتَّقْرِيبِ لِلْفَهْمِ(6).
3-أن لتلاوة القرآن أثر على المؤمن؛ في زيادة إيمانه، وطمأنينة قلب، وفي طيب نفسه، ورفعة قدره، وعلو منزلته.
4-على المسلم أن يحرص على تلاوة كتاب الله، وتدبره، والعمل بما فيه، وأن يكون له ورد يومي من القران، لا يفرط فيه لتزكو به نفسه، وتكثر به حسناته.
5-أنه قد يقع من بعض المؤمنين انصراف عن تلاوة القران وسماعه وهذا من هجره، قال الإمام ابن القيم: ((هجر القرآن أنواع:
أحدها:هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه، والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وان قرأه وآمن به، والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم، والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه، والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وكل هذا داخل في قوله: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) [الفرقان/30] وأن كان بعض الهجر أهون من بعض))(7).



(1) صحيح البخاري، برقم: (5427)، واللفظ له، وصحيح مسلم، برقم: (797).
(2) ينظر: فتح الباري لابن حجر، 1/ 126، وتحفة الأحوذي للمباركفوري، 8/ 133- 134.
(3) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، 9/66-67. وانظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني، 20/ 38.
(4) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، 13/536.
(5) عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني، 20/ 38.
(6) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، 9/66-67. وانظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني، 20/ 38.
(7) الفوائد، 1/ 82 .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:17 pm

35-مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع
عن كَعْب بن مالك قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ؛ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِن الزَّرْعِ, تُفِيئُهَا الرِّيحُ تَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى حَتَّى تَهِيجَ, وَمَثَلُ الْكَافِرِ؛ كَمَثَلِ الْأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا لَا يُفِيئُهَا شَيْء, حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً (1).

شرح المفردات(2):
( الْخَامَة ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم, وَهِيَ: الطَّاقَة وَالْقَصَبَة اللَّيِّنَة مِن الزَّرْع, وَأَلِفهَا مُنْقَلِبَة عَنْ وَاو.
( تُمِيلهَا وَتُفِيئهَا ) معناهما وَاحِد, وَمَعْنَاهُ: تُقَلِّبهَا الرِّيح يَمِينًا وَشِمَالًا.
( تَصْرَعُهَا ) تَخْفِضهَا.
( تَعْدِلُها ) بِفَتْحِ التَّاء وَكَسْر الدَّال, أي: تَرْفَعهَا.
( تَهِيج ) تَيْبَس.
( تَسْتَحْصِد ) بِفَتْحِ أَوَّله وَكَسْر الصَّاد, أي: لَا تَتَغَيَّر حَتَّى تَنْقَلِع مَرَّةً وَاحِدَةً كَالزَّرْعِ الَّذِي اِنْتَهَى يُبْسه.
( الْأَرْزَة ) بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَرَاء سَاكِنَة ثُمَّ زَاي, شَجَر مَعْرُوف يُقَال لَهُ: الْأَرْزَن, يُشْبِه شَجَر الصَّنَوْبَر, بِفَتْحِ الصَّاد يَكُون بِالشَّامِ وَبِلَاد الْأَرْمَن, وَقِيلَ: هُوَ الصَّنَوْبَر.
( الْمُجْذيَة ) فَبِمِيمٍ مَضْمُومَة ثُمَّ جِيم سَاكِنَة ثُمَّ ذَال مُعْجَمَة مَكْسُورَة, وَهِيَ الثَّابِتَة الْمُنْتَصِبَة, يُقَال مِنْهُ: جَذَبَ يَجْذِب وَأَجْذب يجْذِب.
(وَالِانْجِعَاف) الِانْقِلَاع.

شرح الحديث:
قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الْمُؤْمِن كَثِير الْآلَام فِي بَدَنه أَوْ أَهْله أَوْ مَاله, وَذَلِكَ مُكَفِّر لِسَيِّئَاتِهِ, وَرَافِع لِدَرَجَاتِهِ, وَأَمَّا الْكَافِر فَقَلِيلهَا, وَإِنْ وَقَعَ بِهِ شَيْء لَمْ يُكَفِّر شَيْئًا مِنْ سَيِّئَاته, بَلْ يَأْتِي بِهَا يَوْم الْقِيَامَة كَامِلَةً (3).
وقال ابن القيم: ((هذا المثل ضرب للمؤمن وما يلقاه من عواصف البلاء والأوجاع والأوجال وغيرها فلا يزال بين عافية وبلاء، ومحنة ومنحة، وصحة وسقم، وأمن وخوف، وغير ذلك، فيقع مرة ويقوم أخرى، ويميل تارة ويعتدل أخرى، فيكفر عنه بالبلاء ويمحص به ويخلص من كدره، والكافر كله خبث ولا يصلح إلا للوقود فليس في إصابته في الدنيا بأنواع البلاء من الحكمة والرحمة ما في إصابة المؤمن فهذه حال المؤمن في الابتلاء)) (4).

من فوائد الحديث:
1- أن الله تعالى يبتلى عبده المؤمن بالمصائب والنكبات وأنواع من البلاء؛ حتى يكفر من سيئاته وخطاياه.
2- على المؤمن أن يصبر على ما يصيبه من البلاء، ويعلم أن العاقبة حميدة بإذن الله لمن صبر واحتسب.
3- في الحديث تسلية للمؤمن عما يصيبه من محن وابتلاءات في هذه الحياة، فينبغي على العبد أن يستسلم لقضاء الله وقدره, وأن يعلم أن كل ما يصيبه فيالدنيا ففيه الخير له؛ فإن أصابته سراء فشكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له .
4- أن الكافر يبقى لا يصيبه البلاء، حتى يهلكه الله، وهذا في الغالب، وإلا فإن هناك من الكفرة من تصيبه البلايا والمحن.

(1) صحيح مسلم، برقم: (2810).

(2) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 17/ 151.

(3) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 17/ 153.

(4) مفتاح دار السعادة [1 / 127 ].



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:17 pm

36-مثل المؤمن مثل السنبلة


عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ السُّنْبُلَةِ تَسْتَقِيمُ مَرَّةً وَتَخِرُّ مَرَّةً, وَمَثَلُ الْكَافِرِ مَثَلُ الْأَرْزَةِ لَا تَزَالُ مُسْتَقِيمَةً حَتَّى تَخِرَّ وَلَا تَشْعُرُ)(1).

شرح المفردات(2):
(السُّنْبُلَةِ): الجزء من النبات الذي يتكون منه الحب.
(الأَرْزَةِ): شجر يشبه الصنوبر، وقيل هو الصنوبر.
(تَخِرَّ): تسقط.

من اللطائف التي أفادها التمثيل في هذا الحديث:
1- أن الزرع مبارك في حبه وما يخرجمنه، فالحب الذييخرج من الزرع, هومؤونة الآدميينوغذاء أبدانهم , وسبب حياتهم, فكذلك الإيمان, هو قوت القلوب، وغذاء الأرواح , وسبب حياتها, ومتى ما فقدته القلوب ماتت،وموت القلوبلا يرجى معه حياة أبداً, بل هو هلاك الدنيا والآخرة.
2-أن الزرع وإنكان ضعيفافي نفسه إلا أنه يتقوى بما حوله ويعتضد به, بخلاف الشجر العظام فإنبعضها لا يشد بعضا, وكذلك حال المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهمكالبنيان وكالجسد الواحد , إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسدبالحمىوالسهر , ولذلك ضرب الله تعالى مثلاً للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالزرعلهذا المعنى، فقال سبحانهSadوَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ)[الفتح:الآية29]،فشبهت الآيةالنبي صلى الله عليه وسلم وبعثته بالزرع لكثرة عطائه وخيره، وشبهت أصحابه بشطأالزرعالذي يتقوى الزرع به ويستغلظ ،حتى يعتدل ويستقيم .

وقد مضى شرحه وبيان بعض ما يستفاد منه في الحديث السابق.


(1) مسند الإمام أحمد، 23/348، برقم: (15154)، والجامع الصغير وزيادته، 1/ 1079، برقم: (10783)، وصحّحه الشيخ الألباني، ينظر: صحيح الجامع، برقم: (5844).
(2) ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 17/ 151.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:18 pm

37-مثل المؤمن مثل النحلة
عن أبي رزين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن مثل النحلة لا تأكل إلا طيبًا ولا تضع إلا طيباً) (1).

شرح المفردات:
(النحلة): أي: نحلة العسل.
وجه الشبه في الحديث: حذق النحل وفطنته وقلة أذاه، وحقارته ومنفعته، وقنوعه وسعيه في الليل، وتنزهه عن الأقذار، وطيب أكله، وأنه لا يأكل من كسب غيره، وطاعته لأميره وأن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك المؤمن له آفات تفقره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام ونار الهوى . (2)

من فوائد الحديث:
1- في الحديث فضل المؤمن حيث لا يأكل إلا طيبًا، ولا يصدر منه ما يضر الناس، بل ينفعهم.
2- أن المؤمن نافع لكل من خالطه أو اتصل به؛ فهو إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن جالسته نفعك، وكل شأنه منافع.
وهذا يبين الحكمة من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) (3)، لأن من طبيعة المؤمن، ومن مقتضى إيمانه أن لا يصدر عنه إلا ما فيه خير ونفع.
3- أن من لم يبال في النظر في طِيب مطعمه ومشربه ومكاسبه، أو كان يصدر منه من الأقوال أو الأفعال ما فيه ضرر على غيره، أو أذى، فهو دليل على ضعف إيمانه.

(1) صحيح ابن حبان، 1/274، برقم246), والجامع الصغير وزيادته، 1/ 1079، برقم: (10786)، وصحّحه الشيخ الألباني، ينظر: صحيح الجامع، برقم: (5847).

(2) فيض القدير للمناوي، 5/ 512.

(3) رواه أبو داود ، 2/675، برقم: (4823), والترمذي، 4/ 600، برقم: (2395)، وحسنه الشيخ الألباني، ينظر: صحيح الجامع، برقم: (7341).



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:18 pm

38-مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم
عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )(1).
شرح المفردات (2):
(توادّهم): بتشديد الدال, والأصل: التوادد فأدغم, والتوادد تفاعل من المودة والود والوداد بمعنى, وهو: تقرب شخص من آخر بما يحب.
( تداعى): تساقط أو كاد، وقيل: أي: دعا بعض الأعضاء بعضًا للمشاركة في الألم.
(السهر): قلة النوم.
(الحمى): مرض معروف، ترتفع معه حرارة البدن.
شرح الحديث:
وقال بن أبي جمرة: الذي يظهر أن التراحم والتوادد والتعاطف وان كانت متقاربةً في المعنى لكنّ بينها فرق لطيف, فأما التراحم فالمراد به: أن يرحم بعضهم بعضا بأخوّة الإيمان لا بسبب شيء آخر, وأما التوادد فالمراد به: التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي, وأما التعاطف فالمراد به: إعانة بعضهم بعضا كما يعطف الثوب عليه ليقويه (3).
وقال القاضي عياض: "فتشبيهه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل صحيح, وفيه تقريب للفهم, وإظهار للمعاني في الصور المرئية".
وقال بن أبي جمرة: "شبّه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالجسد وأهله بالأعضاء؛ لأن الإيمان أصل وفروعه التكاليف؛ فإذا أخل المرء بشيء من التكاليف شأن ذلك الإخلال بالأصل, وكذلك الجسد أصل كالشجرة, وأعضاؤه كالأغصان, فإذا اشتكى عضو من الأعضاء اشتكت الأعضاء كلها؛ كالشجرة إذا ضرب غصن من أغصانها اهتزت الأغصان كلها بالتحرك والاضطراب".
وجه التشبيه فيه: التوافق في التعب والراحة (4).
من فوائد الحديث:
1- تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض, وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلَا مَكْرُوه.
2- وَفِيهِ جَوَاز التَّشْبِيه وَضَرْب الْأَمْثَال لِتَقْرِيبِ الْمَعَانِي إِلَى الْأَفْهَام (5)
3- أن من مقتضيات الإيمان العمل بما تستلزمه الأخوَّة بين المؤمنين من التراحم والتوادد والتعاطف، وأن التقصير في ذلك و التهاون فيه ضعف في الإيمان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- ولهذا كان المؤمن يسره ما يسر المؤمنين ويسوءه ما يسوؤهم ومن لم يكن كذلك لم يكن منهم(6).
4- أن على المسلم أن يجتهد في تطهير قلبه نحو إخوانه المسلمين؛ فيفرح بوصول الخير إليهم، ويتألم أن أصابهم ما يضرهم أو يؤلمهم، ويقف معهم في مصائبهم وما ينزل بهم، فيغيث المحتاج، وينصر المظلوم، ويعين ذا الحاجة، ويتعاون معهم على الخير والبر.
5- عظمة هذا الدين وكماله، بحثه على التآلف والتراحم، فيعيش المسلم بين إخوانه وفي كنفهم معززاً مكرماً في عسره ويسره، وقوته وضعفه، وفي سائر أحواله.
(1) صحيح البخاري، برقم: (6011)، وصحيح مسلم، برقم: (2586), واللفظ له.

(2) ينظر: فتح الباري لابن حجر, 10/ 439.

(3) فتح الباري,10/ 439.

(4) فتح الباري لابن حجر, 10/ 439.

(5) المرجع السابق .

(6) مجموع الفتاوى 2/373 .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:18 pm

39-مثل المجاهد في سبيل الله
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ- كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ, وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ, أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ) (1).
شرح المفردات (2):
( أعلم بمن يجاهد في سبيله ) الله أعلم بنيته إن كانت خالصة لإعلاء كلمته .
( وَتَوَكَّلَ اللَّه): وفي رواية " اِنْتَدَبَ اللَّه ", وَلِمُسْلِمٍ " تَضَمَّنَ اللَّه ", ومعناه: ضمن وتكفل على وجه التفضل منه سبحانه.
(الجَنَّة ): أَي: بِأَنْ يُدْخِلهُ الْجَنَّة إِنْ تَوَفَّاهُ.
( مَعَ أَجْر أَوْ غَنِيمَة ): أي: مَعَ أَجْر خَالِص إِنْ لَمْ يَغْنَم شَيْئًا, أَوْ مَعَ غَنِيمَة إن وجدت مع تحقيق الأجر. فقد روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعا ( ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم ) وهذا يدل على أن الذي يغنم يرجع بأجر لكنه انقص من أجر من لم يغنم فتكون الغنيمة في مقابلة جزء من أجر الغزو.
شرح الحديث:
قال ابن حجر: وَشَبَّهَ حَال الصَّائِم الْقَائِم بِحَالِ الْمُجَاهِد فِي سَبِيل اللَّه فِي نَيْل الثَّوَاب فِي كُلّ حَرَكَة وَسُكُون؛ لِأَنَّ الْمُرَاد مِن الصَّائِم الْقَائِم منْ لَا يَفْتُر سَاعَة عَن الْعِبَادَة فَأَجْره مُسْتَمِرّ, وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِد لَا تَضِيع سَاعَة مِنْ سَاعَاته بِغَيْرِ ثَوَاب (3).
كما قال تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأٌ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئًا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديًا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) [سورة التوبة: 120-121].
وقد جاء هذا المعنى في مواضع كثيرة: منها ما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ, بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ)(4).
من فوائد الحديث:
1- قال ابن عبد البر –رحمه الله- : هذا من أجلّ حديث روي في فضل الجهاد لأنه مثل بالصلاة والصيام وهما أفضل الأعمال وجعل المجاهد بمنزلة من لا يفتر عن ذلك ساعة فأي شيء أفضل من شيء يكون صاحبه راكباً وماشياً وراقداً ومتلذذاً بكثير - ما أبيح له - من حديثِ رفيقه وأكله وشربه وهو في ذلك كله كالمصلي التالي للقرآن في صلاته الصائم المجتهد.
ولذلك قلنا إن الفضائل لا تدرك بقياس وإنما هو تفضل من الله عز وجل(5).
2- وَفِيهِ استِعْمَال التشبيه والتَّمْثِيل فِي الْأَحْكَام.
3- وفيه دليل على أن الأعمال لا يزكو منها إلا ما صحبته النية والإخلاص لله عز وجل والإيمان به (6).
4- فضل الجهاد في سبيل الله وعلو منزلة المجاهدين.
5- قال ابن القيم –رحمه الله- :الجهاد أربع مراتب : جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الكفار وجهاد المنافقين.
فجهاد النفس أربع مراتب أيضا :
إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين
الثانية : أن يجاهدها على العمل به بعد علمه وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها
الثالثة : أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله
الرابعة : أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماوات.
وأما جهاد الشيطان فمرتبتان:
إحداهما : جهاده على دفع ما يلقى إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان
الثانية : جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات فالجهاد الأول يكون بعده اليقين والثاني يكون بعده الصبر قال تعالى : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ( السجدة : 24 ) فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة واليقين يدفع الشكوك والشبهات.
وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب : بالقلب واللسان والمال والنفس وجهاد الكفار أخص باليد وجهاد المنافقين أخص باللسان
وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثلاث مراتب : الأولى : باليد إذا قدر فإن عجز انتقل إلى اللسان فإن عجز جاهد بقلبه.
فهذه ثلاثة عشر مرتبة من الجهاد و من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق(7).

(1) صحيح البخاري، برقم: (2787).

(2) فتح الباري لابن حجر، 6/ 8. وشرح صحيح مسلم ( ).

(3) فتح الباري لابن حجر، 6/ 7.

(4) صحيح البخاري، برقم: (3123).

(5) الاستذكار لابن عبد البر [5 - 4 ] .

(6) التمهيد لابن عبد البر [18 - 341 ] .

(7) زاد المعاد (3 /9).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:19 pm

40-مثل المتصدق والبخيل.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ؛ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا, فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ إِلَّا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ, وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ. وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا, فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ) (1).
شرح المفردات (2):
( عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ ): الْجُبَّة ثَوْب مَخْصُوص, وَلَا مَانِعَ مِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الدِّرْعِ.
( مِنْ ثُدَيِّهِمَا ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَة جَمْعُ ثَدْي.
( تَرَاقِيهِمَا ) بِمُثَنَّاة وَقَاف جَمْع تَرْقُوَة، وهي العَظْم الذي بين ثُغْرة النَّحر والعَاتِق . وهما تَرْقُوَتان من الجانِبَين.
( سَبَغَتْ ) أي: اِمْتَدَّتْ وَغَطَّتْ.
( حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ ) أي: تَسْتُرُ أَصَابِعه, وَبَنَانه بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَة: الْإِصْبَعُ.
( وَتَعْفُو أَثَره ) بِالنَّصْبِ أي: تَسْتُرُ أَثَره, يُقَالُ: عَفَا الشَّيْءُ وَعَفَوْتُهُ أَنَا, لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ, وَيُقَالُ: عَفَت الدَّار إِذَا غَطَّاهَا التُّرَاب.
شرح الحديث:
قَالَ الْخَطَّابِيّ وَغَيْره: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ, فَشَبَّهَهُمَا بِرَجُلَيْنِ أَرَادَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا أَنْ يَلْبَسَ دِرْعًا يَسْتَتِرُ بِهِ مِنْ سِلَاحِ عَدُّوِهِ, فَصَبَّهَا عَلَى رَأْسِهِ لِيَلْبَسهَا, وَالدُّرُوعِ أَوَّل مَا تَقَعُ عَلَى الصَّدْرِ وَالثَّدْيَيْنِ إِلَى أَنْ يُدْخِلَ الْإِنْسَان يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهَا, فَجَعَلَ الْمُنْفِقَ كَمَنْ لَبِسَ دِرْعًا سَابِغَة فَاسْتَرْسَلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى سَتَرَتْ جَمِيعَ بَدَنِهِ, وَجُعِلَ الْبَخِيل كَمَثَلِ رَجُلٍ غُلَّتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ, كُلَّمَا أَرَادَ لُبْسهَا اِجْتَمَعَتْ فِي عُنُقِهِ فَلَزِمَتْ تَرْقُوَته, وَالْمُرَاد أَنَّ الْجَوَادَ إِذَا هَمَّ بِالصَّدَقَةِ اِنْفَسَحَ لَهَا صَدْرُهُ وَطَابَتْ نَفْسه فَتَوَسَّعَتْ فِي الْإِنْفَاقِ, وَالْبَخِيل إِذَا حَدَّثَ نَفْسه بِالصَّدَقَةِ شَحَّتْ نَفْسه فَضَاقَ صَدْرُهُ وَانْقَبَضَتْ يَدَاهُ.
وَقَالَ الْمُهَلَّب: الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ يَسْتُرُ الْمُنْفِقَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, بِخِلَافِ الْبَخِيلِ فَإِنَّهُ يَفْضَحُهُ.
وَقِيلَ هُوَ تَمْثِيلٌ لِنَمَاءِ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ, وَالْبُخْلِ بِضِدِّهِ. وَقِيلَ تَمْثِيلٌ لِكَثْرَةِ الْجُودِ وَالْبُخْلِ, وَأَنَّ الْمُعْطِيَ إِذَا أَعْطَى اِنْبَسَطَتْ يَدَاهُ بِالْعَطَاءِ وَتَعَوَّدَ ذَلِكَ, وَإِذَا أَمْسَكَ صَارَ ذَلِكَ عَادَة. وَقَالَ الطِّيبِيّ: قَيَّدَ الْمُشَبَّهَ بِهِ بِالْحَدِيدِ إِعْلَامًا بِأَنَّ الْقَبْضَ وَالشِّدَّةَ مِنْ جِبِلَّة الْإِنْسَان, وَأَوْقَعَ الْمُتَصَدِّق مَوْقِع السَّخِيِّ لِكَوْنِهِ جَعَلَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبَخِيلِ إِشْعَارًا بِأَنَّ السَّخَاءَ هُوَ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِع وَنَدَبَ إِلَيْهِ مِن الْإِنْفَاقِ لا مَا يَتَعَانَاهُ الْمُسْرِفُونَ (3).
من فوائد الحديث:
1- في الحديث بيان لحال كل من المنفق والبخيل، فإن المتصدق ينشرح صدره للصدقة، ويهش لها ويفرح بها، أما البخيل فإنه يضيق بها وينقبض صدره لها، ويمسك يده عنها، فكأنه مقيد بغل يجمع يده إلى رقبته.
2- أن المتصدق يتسع ماله ويربو ويبارك له فيه، أما البخيل فيمحق ماله أو يصاب بالكوارث فيه، أو يكون سبباً لعنائه وشقائه.
3- مشروعية لبس الدرع في الحرب وأن لبسها لا ينافي التوكل، وقد ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
4- فضل الصدقة والإنفاق في وجوه الخير، وذم البخل والإمساك، قال ابن القيم –رحمه الله-: (ولما كان البخيل محبوسا عن الإحسان ممنوعا عن البر والخير كان جزاؤه من جنس عمله، فهو ضيق الصدر ممنوع من الانشراح ضيق العطن صغير النفس قليل الفرح كثير الهم والغم والحزن، لا يكاد تقضى له حاجة ولا يعان على مطلوب، فهو كرجل عليه جبة من حديد قد جمعت يداه إلى عنقه بحيث لا يتمكن من إخراجها ولا حركتها وكلما أراد إخراجها أو توسيع تلك الجبة لزمت كل حلقه من حلقها موضعها وهكذا البخيل كلما أراد أن يتصدق منعه بخله فبقي قلبه في سجنه كما هو .
والمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح لها قلبه وانفسح بها صدره فهو بمنزلة اتساع تلك الجبة عليه فكلما تصدق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره، ولو لم يكن في الصدقة إلا هذه الفائدة وحدها لكان العبد حقيقا بالاستكثار منها والمبادرة إليها، وقد قال تعالىSad ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) [ الحشر: 9 ] (4).

(1) صحيح البخاري، برقم: (1443), وصحيح مسلم، برقم: (1021).

(2) فتح الباري لابن حجر، 3/ 306، والنهاية في غريب الحديث 1/495.

(3) فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، 3/306- 307.

(4) الوابل الصيب 1 / 49
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:19 pm

41- مثل من يأخذ مالاً بغير حقه
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلمSad(من يأخذ مالاً بحقه يبارك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع))(1).
والحديث بتمامه عن عياض بن عبدالله بن سعد أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: (( لا والله ما أخشى عليكم أيها الناس إلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا، فقال رجل يا رسول الله: أيأتي الخير بالشر ؟ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال:كيف قلت ؟قال قلت يا رسول الله: أيأتي الخير بالشر ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن الخير لا يأتي إلا بخير، أو خير هو؟ إن كل ما ينبت الربيع يقتل حبطاً أو يلم إلا آكلة الخضر أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس ثلطت أو بالت ثم اجترت فعادت فأكلت فمن يأخذ مالاً بحقه يبارك له فيه ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع)).
شرح المفردات(2):
-( حبطا )أي تخمة وهي امتلاء البطن وانتفاخه من الإفراط في الأكل.
-( و يلم ) أي يقارب الإهلاك.
-( إلا آكلة الخضر )أي إلا الماشية التي تأكل الخضر وهي البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها، قال في النهاية الخضر نوع من بقول ليس من أحرارها وجيدها.
-( امتلأت خاصرتاها )أي امتلأت شبعا وعظم جنباها.
-( استقبلت الشمس )أي بركت وقعدت مستقبلة عين الشمس.
-( ثلطت )ثلط البعير يثلط إذا ألقي رجيعا سهلا رقيقا.
-( اجترت ) أي أخرجت الجرة وهي ما تخرجه الماشية من كرشها لتمضغه ثم تبلعه تستمرئ بذلك ما أكلت.
شرح الحديث(3):
قال النووي –رحمه الله- قوله صلى الله عليه وسلم ( ما أخشى عليكم أيها الناس إلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا، فقال رجل: يا رسول الله أيأتي الخير بالشر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن الخير لا يأتي إلا بخير، أو خير هو) ؟ معناه أنه صلى الله عليه وسلم حذرهم من زهرة الدنيا وخاف عليهم منها، فقال هذا الرجل إنما يحصل ذلك لنا من جهة مباحة كغنيمة وغيرها وذلك خير وهل يأتي الخير بالشر، وهو استفهام إنكار واستبعاد أي يبعد أن يكون الشيء خيرا ثم يترتب عليه شر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أما الخير الحقيقي فلا يأتي إلا بخير أي لا يترتب عليه إلا خير، ثم قال أو خير، هو معناه أن هذا الذي يحصل لكم من زهرة الدنيا ليس بخير وإنما هو فتنة وتقديره الخير لا يأتي إلا بخير ولكن ليست هذه الزهرة بخير لما تؤدى إليه من الفتنة والمنافسة والاشتغال بها عن كمال الإقبال على الآخرة.
ثم ضرب لذلك مثلا فقال صلى الله عليه وسلم: إن كل ما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر إلى آخره، ومعناه أن نبات الربيع وخضره يقتل حبطا بالتخمة لكثرة الأكل أو يقارب القتل إلا إذا اقتصر منه على اليسير الذي تدعو إليه الحاجة وتحصل به الكفاية المقتصدة فانه لا يضر، وهكذا المال هو كنبات الربيع مستحسن تطلبه النفوس وتميل إليه فمنهم من يستكثر منه ويستغرق فيه غير صارف له في وجوهه فهذا يهلكه أو يقارب أهلاكه، ومنهم من يقتصد فيه فلا يأخذ إلا يسيراً وان أخذ كثيرا فرقه في وجوهه كما تثلطه الدابة فهذا لا يضره هذا مختصر معنى الحديث.
وقال القاضي عياض ضرب صلى الله عليه وسلم لهم مثلا بحالتي المقتصد والمكثر فقال صلى الله عليه وسلم: أنتم تقولون إن نبات الربيع خير وبه قوام الحيوان، وليس هو كذلك مطلقاً بل منه ما يقتل أو يقارب القتل فحالة المبطون المتخوم كحالة من يجمع المال ولا يصرفه في وجوهه فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن الاعتدال والتوسط في الجمع أحسن ثم ضرب مثلا لمن ينفعه إكثاره وهو التشبيه بآكلة الخضر وهذا التشبيه لمن صرفه في وجوهه الشرعية ووجه الشبه أن هذه الدابة تأكل من الخضر حتى تمتلئ خاصرتها ثم تثلط وهكذا من يجمعه ثم يصرفه والله أعلم.
قال الطيبي يؤخذ منه أربعة أصناف فمن أكل منه أكل مستلذ مفرط منهمك حتى تنتفخ أضلاعه ولا يقلع فيسرع إليه الهلاك، ومن أكل كذلك لكنه أخذ في الاحتيال لدفع الداء بعد أن استحكم فغلبه فأهلكه، ومن أكل كذلك لكنه بادر إلى إزالة ما يضره وتحيل في دفعه حتى انهضم فيسلم، ومن أكل غير مفرط ولا منهمك وإنما اقتصر على ما يسد جوعته ويمسك رمقه، فالأول مثال الكافر والثاني مثال العاصي الغافل عن الإقلاع والتوبة إلا عند فوتها والثالث مثال للمخلط المبادر للتوبة حيث تكون مقبولة والرابع مثال الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة(4).
من فوائد الحديث(5):
11- قوله إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم مثل للمفرط الذي يأخذ الدنيا بغير حقها وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول فتستكثر الماشية منه لاستطابتها إياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حد الإحتمال فتنشق أمعاؤها من ذلك فتهلك أو تقارب الهلاك وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنعها مستحقها قد تعرض للهلاك في الآخرة بدخول النار وفي الدنيا بأذى الناس له وحسدهم إياه وغير ذلك من أنواع الأذى.
2- أن المال مستحسن تطلبه النفوس وتميل إليه، والواجب ضبط النفس وحملها على سنن الشرع فلا يأخذ المال إلا من حله ولا ينفقه إلا في محله ففي ذلك السلامة والنجاة.
3- قال الزين بن المنير في هذا الحديث وجوه من التشبيهات بديعة:
أولهـا: تشبيه المال ونموه بالنبات وظهوره.
ثانيها: تشبيه المنهمك في الاكتساب والأسباب بالبهائم المنهمكة في الأعشاب.
وثالثها: تشبيه الاستكثار منه والادخار له بالشره في الأكل والامتلاء منه.
ورابعها: تشبيه الخارج من المال مع عظمته في النفوس حتى أدى إلى المبالغة في البخل به بما تطرحه البهيمة من السلح ففيه إشارة بديعة إلى استقذاره شرعا .
وخامسها: تشبيه المتقاعد عن جمعه وضمه بالشاة إذا استراحت وحطت جانبها مستقبلة عين الشمس فإنها من أحسن حالاتها سكونا وسكينة وفيه إشارة إلى إدراكها لمصالحها .
وسادسها: تشبيه موت الجامع المانع بموت البهيمة الغافلة عن دفع ما يضرها .
وسابعها: تشبيه المال بالصاحب الذي لا يؤمن أن ينقلب عدوا فإن المال من شأنه أن يحرز ويشد وثاقه حبا له وذلك يقتضي منعه من مستحقه فيكون سببا لعقاب مقتنيه.
وثامنها: تشبيه آخذه بغير حق بالذي يأكل ولا يشبع(6).
4- أن التمادي في جمع المال دون نظر فيما يحل ويحرم دليل على الجهل وضعف البصيرة، قال ابن القيم: «ما أخذ العبد ما حرم عليه إلا من جهتين: إحداهما سوء ظنه بربه، وأنه لو أطاعه وآثره لم يعطه خيراً منه حلالاً، والثانية أن يكون عالماً بذلك وأن من ترك لله شيئاً أعاضه خيراً منه، ولكن تغلب شهوته صبره وهواه عقله، فالأول من ضعف علمه والثاني من ضعف عقله وبصيرته»(7).

(1) - صحيح مسلم، ح: (1052).


(2) - شرح النووي على مسلم [جزء 7 - صفحة 142].
(3) - شرح النووي على مسلم [جزء 7 - صفحة 142].
(4) - ابن حجر ، فتح الباري 11/ 248.

(5) - انظر فتح الباري [8/124].
(6) - ابن حجر ، فتح الباري 11/ 248.

(7) - كتاب الفوائد ص26.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:19 pm

42-مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين
مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين.
عن ابن عُمَرَ عَن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ؛ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً.
وفي رواية: تَكِرُّ فِي هَذِهِ مَرَّةً وَفِي هَذِهِ مَرَّةً)(1).
شرح المفردات(2):
( الْعَائِرَة ): الْمُتَرَدِّدَة الْحَائِرَة لَا تَدْرِي لِأَيِّهِمَا تَتْبَع.
( تُعِير): تُرَدّد وَتَذْهَب.
( تَكِرّ فِي هَذِهِ مَرَّة وَفِي هَذِهِ مَرَّة ) أَيْ: تَعْطِف عَلَى هَذِهِ وَعَلَى هَذِهِ.
شرح الحديث:
في الحديث بيان حال المنافق، بأنه ليس له ثبات على الإيمان، بل هو مع المؤمنين في ظاهره ومع الكافرين بباطنه، وأيضاً فهو دائماً حريص على المنافع الدنيوية، فإذا كان هناك نفع من المؤمنين قال: أنا منكم. وإن رأى منفعة عند غيرهم، قال: أنا معكم. كما قال تعالى:{ الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين}الآية، [سورة النساء: 141].
وكما بين حالهم في آية أخرى: { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً} [سورة النساء: 143].
وجه الشبه(3):
في الحديث تمثيل حال المنافق في عدم ثباته على الحق، بحال الشاة العائرة بين الغنمين.
قال الطيبي: شَبَّه ترد المنافق بين المؤمنين والكافرين تبعاً لهواه وقصداً لأغراضه الفاسدة كتردد الشاة الطالبة للفحل، فلا تستقر على حال، ولذلك وصفوا في التنزيل { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء }[سورة النساء: 143].
من فوائد الحديث:
1- ذمّ النفاق والمنافقين وبيان خبثهم وفساد طويتهم وسوء عملهم، قال ابن القيم –رحمه الله-: " قد هتك الله –سبحانه- أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلَّى لعباده أمورهم؛ ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، وذكر طوائفَ العالم الثلاثة في أوّل سورة البقرة: المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية؛ لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم، وشدّة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإنّ بلية الإسلام بهم شديدة جدًا؛ لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كلّ قالب يظنّ الجاهل أنه عِلْمٌ وإصلاحٌ، وهو غاية الجهل والإفساد. فلِلّه كم من معقَل للإسلام قد هدموه، وكم من حِصنٍ له قد قلعوا أساسه وخرّبوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه، وكم من لواءٍ له مرفوعٍ قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشُّبه في أصول غراسه ليقلعوها، وكم عَمُّوا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبليّة، ولا يزال يطرقه من شبههم سَرِيَّةٌ بعد سريّة، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} [البقرة:12]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون} [الصف:8]" (4).
2- على المسلم أن يعتصم بالله تعالى، ويستقم على شرعه، ويعمل بطاعته مع المؤمنين، وأن يثبت على ذلك، حتى يسلم من النفاق وأخلاق المنافقين.
(1) - صحيح مسلم، برقم: (2784).
(2) - شرح صحيح مسلم للنووي، 17/ 128.
(3) -فيض القدير 5/ 515.
(4) -مدارج السالكين (1/377).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:20 pm

43- مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع أمته

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إنما مثلي ومثل أمتي كمثل رجل استوقد ناراً فجعلت الدواب والفراش يقعن فيه فأنا آخذ بحزكم وأنتم تقحمون فيه" (1).
شرح المفردات(2):
( الفراش ) جمع فراشة بفتح الفاء دويبة تطير في الضوء شغفاً به وتوقع نفسها في النار.
( آخذ ) روي بوجهين أحدهما: اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال، والثاني: فعل مضارع بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر وهما صحيحان.
( بحجزكم ) الحجز جمع حجزة وهي مقعد الإزار وهو كناية عن حرصه صلى الله عليه وسلم على منع أمته عن الإتيان بالمعاصي التي تؤدي بهم إلى الدخول في النار.
( تقحمون ) التقحم هو الإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبيت.

شرح الحديث(3):
قال النووي مقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبة المخالفين له بالفراش، وتساقطهم في نار الآخرة بتساقط الفراش في نار الدنيا مع حرصهم على الوقوع في ذلك، ومنعه إياهم والجامع بينهما اتباع الهوى وضعف التمييز وحرص كل من الطائفتين على هلاك نفسه، وقال القاضي أبو بكر بن العربي هذا مثل كثير المعاني والمقصود أن الخلق لا يأتون ما يجرهم إلى النار على قصد الهلكة وإنما يأتونه على قصد المنفعة واتباع الشهوة كما أن الفراش يقتحم النار لا ليهلك فيها بل لما يعجبه من الضياء.
من فوائد الحديث:
1- فيه بيان حال الناس وما فيهم من الحرص على الدنيا، واتباع الشهوات ومقارفة المعاصي التي تكون سبباً لوقوعهم في النار في الآخرة.
2- أن للدنيا بريق يبهر ضعفاء البصائر، فينخدعوا بها وينشغلوا بزخرفها وشهواتها عما خلقوا له، من عبادة الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه، فيعرضوا انفسهم لسخط الله وعقوباته العاجلة والآجلة.
3- قال ابن حجر: وفي الحديث ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة والحرص على نجاة الأمة، كما قال تعالى:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}( التوبة / 128) (4).

(1) -رواه البحاري، رقم (6118)، ومسلم، رقم (2284) .
(2) - شرح النووي على مسلم [جزء 15 / 50].
(3) - انظر شرح النووي على مسلم [جزء 15 / 50]، وفتح الباري [6/464].
(4) - انظر فتح الباري [11/318].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:20 pm

44- مثل محقرات الذنوب
عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود و جاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه" (1).

شرح الحديث:
المراد بالمحقرات أي الذنوب التي يحتقرها فاعلها- وهي الصغائر- ومقصود الحديث الحث على عدم التهاون بالمحقرات ومحاسبة النفس عليها وعدم الغفلة عنها فإن في إهمالها الهلاك، لأن المحقرات إذا كثرت صارت كباراً كما قال ابن بطال –رحمه الله-(2).

من فوائد الحديث:
1- أن الذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر كما قال الله تعالى:{ إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ }( النساء : 31) وقال:{ الذينَ يَجْتَنِبُونَ كبائرَ الإثْمِ والفَواحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ }( النجم : 32) وأصح الأقوال في تعريف الكبيرة: أنها ما ترتب عليها حد في الدنيا أو توعد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب، وألحق بعضهم نفي الإيمان، أو قيل فيه ليس منا أو برئ منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما الصغيرة، فقيل: الصغيرة ما دون الحد؛ حد الدنيا وحد الآخرة، وقيل: الصغيرة كل ذنب لم يختم بلعنة أو غضب أو نار، وقيل: الصغيرة ما ليس فيه حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة، وهذا أرجح الأقوال، أن الصغيرة ما ليس فيه حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة.
2- الحذر من الذنوب والمعاصي وعدم التهاون في شيء منها، فإن الصغائر إذا كثرت ولم تكفر ، أو أصر عليها صاحبها صارت سبباً في هلاكه وبواره.
3- قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله فمنها حرمان العلم فان العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور ...ومنها حرمان الرزق... ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلاً ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام فلو لم تترك الذنوب إلا حذراً من وقوع تلك الوحشة لكان العاقل حريا بتركها.. ) (3).




(1) - رواه أحمد (1/ 446) ، وحسنه الحافظ، الفتح (11 /329) وقال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2686 في صحيح الجامع .
(2) - الفتح (11 /329) .
(3) - انظر تتمة هذه الآثار السيئة في الجواب الكافي [1/34 ] .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:21 pm

45-مثل ما بُعِثَ به النبي - صلى الله عليه وسلم- من الهدى والعلم

عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه , عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:" مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِن الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا؛ فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَت الْمَاءَ فَأَنْبَتَت الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ, وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَت الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا، وَسَقَوْا، وَزَرَعُوا, وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً؛ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ, وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ "(1).


شرح المفردات(2):

( مَثَل ): بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَة وَالْمُرَاد بِهِ الصِّفَة الْعَجِيبَة لَا الْقَوْل السَّائِر.
( الْهُدَى ): أَي: الدَّلَالَة الْمُوَصِّلَة إِلَى الْمَطْلُوب.
( الْعِلْم ): الْمُرَاد بِهِ مَعْرِفَة الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة.
( الْغَيْث ): المطر.
( نَقِيَّة ): طَيِّبَة.
( قَبِلَتْ ): بِفَتْحِ الْقَاف وَكَسْر الْمُوَحَّدَة مِن الْقَبُول.
( الْكَلَأ ): بِالْهَمْزَةِ بِلَا مَدّ, يَقَعُ عَلَى الْيَابِس وَالرَّطْب.
( وَالْعُشْب ): هُوَ مِنْ ذِكْر الْخَاصّ بَعْد الْعَامّ ; لِأَنَّ الْكَلَأ يُطْلَق عَلَى النَّبْت الرَّطْب وَالْيَابِس مَعًا, وَالْعُشْب لِلرَّطْبِ فَقَطْ.
( الْأَجَادِب ): فَبِالْجِيمِ وَالدَّال الْمُهْمَلَة، وَهِيَ الْأَرْض الَّتِي تُنْبِتُ كَلَأً. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هِيَ الْأَرْض الَّتِي تُمْسِكُ الْمَاء, فَلَا يُسْرِعُ فِيهِ النُّضُوب.
( وَزَرَعُوا ): كَذَا لَهُ بِزِيَادَةِ زَاي مِن الزَّرْع, وَلِمُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ، وَغَيْرهمَا، عَنْ أَبِي كُرَيْب: " وَرَعَوْا " بِغَيْرِ زَاي مِن الرَّعْي, قَالَ النَّوَوِيّ: كِلَاهُمَا صَحِيح.
( وَسَقَوْا ): فَقَالَ أَهْل اللُّغَة : سَقَى وَأَسْقَى بِمَعْنَى لُغَتَانِ, وَقِيلَ: سَقَاهُ نَاوَلَهُ لِيَشْرَب, وَأَسْقَاهُ جَعَلَ لَهُ سَقْيًا.
( فَأَصَابَ ): أَي: الْمَاء. وَلِلْأَصِيلِيِّ، وَكَرِيمَة أَصَابَتْ أَي: طَائِفَة أُخْرَى. وَوَقَعَ كَذَلِكَ صَرِيحًا عِنْد النَّسَائِيِّ. وَالْمُرَاد بِالطَّائِفَةِ الْقِطْعَة.
( قِيعَان ): بِكَسْرِ الْقَاف جَمْع قَاع وَهُوَ الْأَرْض الْمُسْتَوِيَة الْمَلْسَاء الَّتِي لَا تُنْبِت.
( فَقُهَ ): بِضَمِّ الْقَاف أَيْ صَارَ فَقِيهًا.

شرح الحديث:

قال الأمام النووي - رحمه الله-: " أَمَّا مَعَانِي الْحَدِيث وَمَقْصُوده فَهُوَ تَمْثِيل الْهُدَى الَّذِي جَاءَ بِهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْغَيْثِ, وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَرْض ثَلَاثَة أَنْوَاع, وَكَذَلِكَ النَّاس. فَالنَّوْع الْأَوَّل مِن الْأَرْض يَنْتَفِع بِالْمَطَرِ، فَيَحْيَى بَعْد أَنْ كَانَ مَيِّتًا, وَيُنْبِتُ الْكَلأ, فَتَنْتَفِعُ بِهَا النَّاس، وَالدَّوَابّ، وَالزَّرْع، وَغَيْرهَا, وَكَذَا النَّوْع الأوَّل مِن النَّاس, يَبْلُغُهُ الْهُدَى وَالْعِلْم فَيَحْفَظُهُ فَيَحْيَا قَلْبه, وَيَعْمَلُ بِهِ, وَيُعَلِّمُهُ غَيْره, فَيَنْتَفِعُ وَيَنْفَعُ. وَالنَّوْع الثَّانِي مِن الأرْض مَا لَا تَقْبَلُ الِانْتِفَاع فِي نَفْسهَا, لَكِنْ فِيهَا فَائِدَة, وَهِيَ إِمْسَاك الْمَاء لِغَيْرِهَا, فَيَنْتَفِعُ بِهَا النَّاس وَالدَّوَابّ, وَكَذَا النَّوْع الثَّانِي مِن النَّاس, لَهُمْ قُلُوب حَافِظَة, لَكِنْ لَيْسَتْ لَهُمْ أَفْهَام ثَاقِبَة, وَلا رُسُوخَ لَهُمْ فِي الْعَقْل يَسْتَنْبِطُونَ بِهِ الْمَعَانِي وَالأحْكَام, وَلَيْسَ عِنْدهمْ اِجْتِهَادٌ فِي الطَّاعَة وَالْعَمَل بِهِ, فَهُمْ يَحْفَظُونَهُ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبٌ مُحْتَاجٌ مُتَعَطِّشٌ لِمَا عِنْدهمْ مِن الْعِلْم, أَهْل لِلنَّفْعِ وَالِانْتِفَاع, فَيَأْخُذهُ مِنْهُمْ, فَيَنْتَفِع بِهِ, فَهَؤُلاءِ نَفَعُوا بِمَا بَلَغَهُمْ. وَالنَّوْع الثَّالِث مِن الأرْض السِّبَاخ الَّتِي لا تُنْبِتُ وَنَحْوهَا, فَهِيَ لا تَنْتَفِعُ بِالْمَاءِ, وَلا تُمْسِكُهُ لِيَنْتَفِعَ بِهَا غَيْرهَا, وَكَذَا النَّوْعُ الثَّالِثُ مِن النَّاس, لَيْسَتْ لَهُمْ قُلُوب حَافِظَة, وَلا أَفْهَام وَاعِيَة, فَإِذَا سَمِعُوا الْعِلْم لا يَنْتَفِعُونَ بِهِ, وَلا يَحْفَظُونَهُ لِنَفْعِ غَيْرهمْ. وَاَللَّه أَعْلَم (3).

وقال ابن حجر: قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره: ضَرَبَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا جَاءَ بِهِ مِن الدِّين مَثَلًا بِالْغَيْثِ الْعَامّ الَّذِي يَأْتِي فِي حَال حَاجَتهمْ إِلَيْهِ, وَكَذَا كَانَ النَّاس قَبْل مَبْعَثه, فَكَمَا أَنَّ الْغَيْث يُحْيِي الْبَلَد الْمَيِّت فَكَذَا عُلُوم الدِّين تُحْيِي الْقَلْب الْمَيِّت. ثُمَّ شَبَّهَ السَّامِعِينَ لَهُ بِالْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَة الَّتِي يَنْزِل بِهَا الْغَيْث, فَمِنْهُمْ الْعَالِم الْعَامِل الْمُعَلِّم. فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْض الطَّيِّبَة شَرِبَتْ فَانْتَفَعَتْ فِي نَفْسهَا، وَأَنْبَتَتْ فَنَفَعَتْ غَيْرهَا. وَمِنْهُم الْجَامِع لِلْعِلْمِ الْمُسْتَغْرِق لِزَمَانِهِ فِيهِ، غَيْر أَنَّهُ لَمْ يَعْمَل بِنَوَافِلِهِ، أَوْ لَمْ يَتَفَقَّه فِيمَا جَمَعَ، لَكِنَّهُ أَدَّاهُ لِغَيْرِهِ, فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْض الَّتِي يَسْتَقِرّ فِيهَا الْمَاء فَيَنْتَفِع النَّاس بِهِ, وَهُوَ الْمُشَار إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: "نَضَّرَ اللَّه اِمْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا ". وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْمَع الْعِلْم فَلَا يَحْفَظهُ، وَلَا يَعْمَل بِهِ، وَلَا يَنْقُلهُ لِغَيْرِهِ, فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْض السَّبْخَة، أَوْ الْمَلْسَاء الَّتِي لَا تَقْبَل الْمَاء، أَوْ تُفْسِدهُ عَلَى غَيْرهَا. وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمَثَل بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الْمَحْمُودَتَيْنِ؛ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاع بِهِمَا, وَأَفْرَدَ الطَّائِفَة الثَّالِثَة الْمَذْمُومَة لِعَدَمِ النَّفْع بِهَا. وَاَللَّه أَعْلَم(4).

من فوائد الحديث:

1- فضل العلم الشرعي حيث شبهه النبي - صلى الله عليه وسلم- بالغيث، ووجه الشبه بينهما أن في الغيث حياة الأرض، والدواب، والإنسان، وكذلك علم الشرع فيه حياة القلوب، حيث به تعرف ربها، والطريق الموصلة إلى رضاه، فلا غنى للناس عنه، كما أنهم لا غنى لهم عن الغيث.
2- فضل أهل الحفظ والفهم الذين حفظوا العلم، وعقلوه، وفهموا معانيه، واستنبطوا وجوه الأحكام والفوائد منه، مع العمل بالعلم، فهؤلاء أفضل الناس وخيرهم.
3- فضل من حفظوا نصوص الكتاب والسنة وبلغوها كما حفظوها، مع العمل بالعلم، ولكنهم لم يرزقوا تَفَهُّمًا في معانيها، ولا استنباطًا ولا استخراجًا لوجوه الحكم والفوائد منها، وهؤلاء على خير عظيم، ولكنهم دون الذين قبلهم.
4- أن من شر الناس وأشاقهم من أعرض عن العلم، لا يتعلمه، ولا يتفقه فيه، ولا يعمل به، ولا يعلمه لغيره.




(1) - صحيح البخاري، برقم: (79)، واللفظ له، وصحيح مسلم، برقم: (2282).
(2) - ينظر: فتح الباري لابن حجر، 1/176-177, وشرح مسلم للنووي, 15/46-47.
(3) - شرح مسلم للنووي، 15/47-48.
(4) - فتح الباري 1/130.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:21 pm

46-مثل النبي - صلى الله عليه وسلم- والأنبياء قبله

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ, فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ, وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ. وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ"(1).

شرح المفردات (2):
( اللَّبِنَة ): بِفَتْحِ اللَّام وَكَسْر الْبَاء, وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الْبَاء مَعَ فَتْحِ اللَّام وَكَسْرِهَا كَمَا فِي نَظَائِرهَا، وهي ما يصنع من الطين يعجن، ثم يجفف ويبنى به.

من فوائد الحديث:
1- قال النووي –رحمه الله -: فِيهِ فَضِيلَته - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, وَأَنَّ اللَّه خَتَمَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَأَكْمَلَ بِهِ شَرَائِع الدِّين (3).
2- حاجة البشرية إلى بعثته - صلى الله عليه وسلم-؛ لإكمال الرسالات، وختم الشرائع.
3- أن الله - عز وجل- أرسل محمداً - صلى الله عليه وسلم- للإنس والجن، من مبعثه إلى أن تقوم الساعة، ولذا جاءت شريعته كاملة وشاملة، وصالحة لكل زمان ومكان إلى آخر الدهر.
4- أنه لا نبي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم-، وبه يتبين كذب كل من ادعى النبوة بعد بعثته، قديماً وحديثاً.
5- أن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- منارات يُهْتَدَى بهم، ودعاة خير يتأسى بهم، دينهم واحد وهو توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبودية، وإن اختلفت شرائعهم، فالواجب الإيمان بهم، ومحبتهم، وقد نسخت جميع الشرائع بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-، فلا سبيل إلى السعادة والفلاح في العاجل والآجل إلا بالإيمان به ومحبته، واتباع هديه - صلى الله عليه وسلم-.
6- وَفِي الْحَدِيث ضَرْب الْأَمْثَال لِلتَّقْرِيبِ لِلْأَفْهَامِ.





(1) - صحيح البخاري، برقم: (3534), واللفظ له، وصحيح مسلم، برقم: (2286).
(2) - شرح صحيح مسلم للنووي، 15/51-52.
(3) - شرح صحيح مسلم للنووي، 15/51. وفتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 341)



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أحمد مرسى
مطرود من المنتدى
avatar


تاريخ التسجيل : 15/05/2010
رقم العضوية : 2
عدد المشاركات : 282
الإقامة : مصر - الجيزة
تاريخ الميلاد : 22/07/1985
الجنس : ذكر
الديانة : مسلم
العمر : 38

الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمثال في السنة النبوية    الأمثال في السنة النبوية  - صفحة 2 Emptyالسبت مارس 19, 2011 10:21 pm

47-مثل المسلمين واليهود والنصارى

عَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ( مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ, فَعَمِلُوا لَهُ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا إِلَى أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا، وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ, فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَفْعَلُوا أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا فَأَبَوْا وَتَرَكُوا, وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرَيْنِ بَعْدَهُمْ فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمَا هَذَا، وَلَكُمَا الَّذِي شَرَطْتُ لَهُمْ مِن الْأَجْرِ, فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا كَانَ حِينُ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَالَا: لَكَ مَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ, وَلَكَ الْأَجْرُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ, فَقَالَ لَهُمَا: أَكْمِلَا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمَا، مَا بَقِيَ مِن النَّهَارِ شَيْءٌ يَسِيرٌ، فَأَبَيَا, وَاسْتَأْجَرَ قَوْمًا أَنْ يَعْمَلُوا لَهُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ, فَعَمِلُوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ حَتَّى غَابَت الشَّمْسُ، وَاسْتَكْمَلُوا أَجْرَ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا؛ فَذَلِكَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ مَا قَبِلُوا مِنْ هَذَا النُّورِ) (1).

وفي رواية: عَن ابن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت الْيَهُودُ, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَت النَّصَارَى, ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِن الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ؟ فَأَنْتُمْ هُمْ. فَغَضِبَت الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً, قَالَ: هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ )(2).

شرح المفردات(3):
(أَهْل الْكِتَابَيْنِ) هم: الْيَهُود وَالنَّصَارَى.
( كَمَثَلِ رَجُل ) فِي السِّيَاق حَذْف, تَقْدِيره: مَثَلكُمْ مَعَ نَبِيّكُمْ، وَمَثَل أَهْل الْكِتَابَيْنِ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ كَمَثَلِ رَجُل اسْتَأْجَرَ, فَالْمَثَل مَضْرُوب لِلْأُمَّةِ مَعَ نَبِيّهمْ، وَالْمُمَثَّل بِهِ الْأُجَرَاء مَعَ مَن اسْتَأْجَرَهُمْ.
(واستكملوا أجر الفريقين)؛ لأنه لما بطل عملهما، وسقط أجرهما، وعمل المسلمون بقيةَ النهار على قيراطين، فكأنهم أخذوا القيراطين منهما، واستحقوا ما كان لهما على عملهما، وحازوه دونهما، ولهذا قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لئلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الحديد: 28، 29]؛ ولهذا اعترف أهل الكتاب أنهم لم يظلموا من أجرهم شيئاً.
(غُدْوَة) البُكْرةُ، أو ما بينَ صلاةِ الفجرِ وطُلوعِ الشمسِ.
(قيراط) القيراطُ جُزء من أجزاء الدِينار.

شرح الحديث:
قال في عمدة القاري: المقصود من هذا الحديث ضرب المثل للناس الذين شرع لهم دين موسى - عليه الصلاة والسلام- ليعملوا الدهر كله بما يأمرهم به وينهاهم، إلى أن بعث الله عيسى - عليه الصلاة والسلام- فأمرهم باتباعه فأبوا، وتبرأوا مما جاء به، وعمل آخرون بما جاء به عيسى - عليه السلام- فأمرهم على أن يعملوا بما يؤمرون به باقي الدهر، فعملوا حتى بعث سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فدعاهم إلى العمل بما جاء به فأبوا وعصوا، فجاء الله تعالى بالمسلمين فعملوا بما جاء به، واستكملوا إلى قيام الساعة، فلهم أجر من عمل الدهر كله بعبادة الله تعالى، كإتمام النهار الذي استؤجر عليه كله، أول طبقة.
وفي حديث ابن عمر قدر لهم مدة أعمال اليهود، ولهم أجرهم، إلى أن نسخ الله تعالى شريعتهم بعيسى - عليه الصلاة والسلام-، وقال عند مبعث عيسى - عليه السلام-: من يعمل إلى مدة هذا الشرع وله أجر قيراط، فعملت النصارى إلى أن نسخ الله تعالى ذلك بمحمد - صلى الله عليه وسلم-، ثم قال متفضلاً على المسلمين من يعمل بقية النهار إلى الليل وله قيراطان؟ فقال المسلمون: نحن نعمل إلى انقطاع الدهر، فمن عمل من اليهود إلى أن آمن بعيسى - عليه السلام- وعمل بشريعته له أجره مرتين، وكذلك النصارى إذا آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في الحديث، ورجل آمن بنبيه، وآمن بي يؤتى أجره مرتين(4).
فإن قلت حديث أبي موسى دلَّ على أن الفريقين لم يأخذا شيئاً، وحديث ابن عمر دلَّ على أن كلاً منهما أخذ قيراطاً، قلت: ذلك فيمن ماتوا منهم قبل النسخ، وهذا فيمن حرف، أو كفر بالنبي الذي بعث بعد نبيه(5).

من فوائد الحديث:
1- فِي الحديث حُجَّة لِأَهْلِ السُّنَّة عَلَى أَنَّ الثَّوَاب مِن اللَّه عَلَى سَبِيل الْإِحْسَان مِنْهُ جَلَّ جَلَاله.
2- تفضيل هذه الأمة، وتوفير أجرها مع قلة عملها، وأنها أفضل الأمم، وأكملها؛ لإيمانها برسولها - صلى الله عليه وسلم- وبسائر الأنبياء قبله، ولما خصها الله تعالى به من فضل رسولها - صلى الله عليه وسلم-، وكمال شريعته، وشهادتها على سائر الأمم قبلها، إلى غير ذلك من الخصائص التي خصها الله تعالى بها.
3- أن على المسلم أن يستشعر عظم فضل الله علينا نحن المسلمين، وما أسبغ علينا من نعمه، نعمل قليلاً، ونؤجر كثيرًا، فلله الحمد، والمنة، والفضل.
4- في الحديث أن من استؤجر على عمل، ثم عمل ولم يتمه، فإنه لا يستحق الأجرة.
5- في قوله فإنما بقي من النهار شيء يسير إشارة إلى قصر مدة المسلمين بالنسبة إلى مدة غيرهم.
6- جواز الإجارة بالأجر المعلوم إلى الوقت المعلوم.


(1) - صحيح البخاري، برقم: (2271).
(2) - صحيح البخاري، برقم: (2268).
(3) - ينظر: فتح الباري لابن حجر، 4/ 446.
(4) - رواه الترمذي 4/ 420، وصححه الألباني، صحيح سنن الترمذي3/ 116 .
(5) - ينظر: عمدة القاري 5/ 54.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأمثال في السنة النبوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» أعلام السنة النبوية..حلقات متكاملة..من ندى الزهور
» السنة
» لماذا ندرس السيرة النبوية ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى توأم روحى الأول :: المنتدى الدينى :: القسم الإسلامى-
انتقل الى: